نعم، ينصح القرآن بالابتعاد عن الأشخاص السيئين والسلبية.
تستند العلاقات الإنسانية إلى أسس متينة من التواصل والتفاعل بين الأفراد، ويعتبر القرآن الكريم دليلاً هاماً للمسلمين في فهم هذه العلاقات. إذ يعكس كيف يمكن للعلاقات أن تؤثر على سلوكيات الأفراد وتوجهاتهم الحياتية، ويؤكد على أهمية اختيار الرفقاء والشركاء في الحياة. في هذا المقال، سنستعرض أهمية العلاقات وفقاً لتعاليم القرآن الكريم وكيف يمكن للمؤمن أن يحسن اختيار من يحيط به. يُظهر القرآن الكريم بوضوح أهمية العلاقات مع الآخرين، حيث لا تقتصر على العلاقات الأسرية فحسب، بل تمتد إلى الصداقات والشراكات الاجتماعية. فهذه العلاقات تلعب دوراً حيوياً في تشكيل الهوية الإنسانية، وتؤثر بشكل كبير في مسار الحياة. فالمؤمن ملزم بأن يتحلى بقيم نبيلة ومبادئ سامية تعكس التزامه بدينه. في هذا السياق، نرى أن الله عز وجل يحذر المؤمنين في سورة المائدة، الآية 51، من موالاة الكافرين أو من يظهرون العداوة. يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۖ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ". هذه الآية تحثنا على أهمية الاختيار الحذر للأصدقاء، إذ أن الشخص الذي يحيط نفسه بأشخاص يخالفونه في العقيدة أو في الأخلاق قد يتعرض لتأثيرات سلبية تؤثر على إيمانه وسلوكه. فالارتباط بأشخاص يمتلكون قيم منحرفة أو معتقدات غير سليمة يمكن أن يقود الإنسان إلى الفساد والانحراف، ويتحول إلى طريق مظلم بعيد عن الحق. علاوة على ذلك، نجد أن القرآن يقدم نصائح أخرى للمؤمنين تسلط الضوء على ضرورة الابتعاد عن الأشخاص الذين يقودون إلى الفساد. في سورة البقرة، الآية 254، نجد قول الله سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِن قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ". تشير هذه الآية إلى أهمية المبادئ السليمة والابتعاد عن الأفراد الذين يمكن أن يجعلونا نبتعد عن الطريق القويم. إن العلاقات الإيجابية ليست فقط ضرورية للنمو الروحي للفرد، بل تلعب أيضاً دوراً حيوياً في الرفاهية الاجتماعية. فالأصدقاء يمكن أن يكونوا دوماً مصدر دعم عاطفي ونفسي، وقد يكون لديهم تأثير إيجابي على اتخاذ القرارات والسلوكيات. لذا، يجب على المؤمن أن يتحلى بالحذر والوعي عند اختيار من يرافقه في هذه الحياة. قد يكون من الوهم الاعتقاد بأن العزلة أو الانسحاب عن الأفراد السلبيين يعني قطع تلك العلاقات. بل يمكننا إعادة تقييم هذه العلاقات، وإذا تأكدنا من تأثيرها السلبي، فالأفضل هو التخفيف منها أو تعديل أسلوب التعامل. نحن بحاجة لتشييد روابط جديدة مع أولئك الذين يعززون قيمنا ويشجعوننا على أن نكون أفضل. إن التأمل الجاد في الأشخاص المحيطين بنا يمكن أن يوفر لدينا رؤى جديدة، فإذا أدركنا أن بعض العلاقات تعيق تقدمنا أو تسبب لنا الهموم، علينا أن نعيد التفكير في نوعية تلك العلاقات. فالعلاقات التي تُبنى على الاحترام والتفاهم تعزز السلام الداخلي وتقودنا نحو الحياة النشطة والمزدهرة. وفي نهاية المطاف، نؤكد أن القرآن هو المرجع الأساسي في توجيه علاقاتنا الإنسانية. إن اتبعنا مبادئ القرآن واخترنا أصدقاءنا بحذر، فإننا سنجد أنفسنا في مسار يسهم في بناء حياة مليئة بالسلام والسعادة. كما جاء في الحديث النبوي الشريف: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل". هذه الكلمات تذكرنا بمدى أهمية الأصدقاء الذين نختارهم، وقدرتهم على التأثير في حياتنا. لذلك، يجب أن نقوم بالتأمل في العلاقات التي نبنيها مع الآخرين، ونظهر وعياً كبيراً تجاه تلك العلاقات التي قد تؤدي إلى انزلاق الروح، بينما نسعى لترسيخ العلاقات التي تدعم الإيمان والتقوى. إن طريق الحياة مليء بالعقبات، وكما أن الأشواك قد تؤذينا، فإن العلاقات السلبية ستؤثر على سلامتنا النفسية والدينية. لذا، دعونا نتذكر دائماً أن السلام الداخلي يبدأ من داخلنا، ويمتد إلى طريقة تعاملنا وعلاقاتنا مع الآخرين. لنكن حذرين في اختياراتنا يومياً، ولنمتلك الجرأة في الابتعاد عن السلبين، لنعيش حياة تليق بنا كمؤمنين صحيحي العقيدة.
في يوم من الأيام في السوق ، جلس شاب مع بائع رحيم وقال: 'لماذا بعض أصدقائك ليسوا محبوبين بالنسبة لي؟' ابتسم البائع وأجاب: 'لا فائدة من مصادقة الأفراد السامين. يجب أن تتعلم أن تبتعد عنهم.' قرر الشاب من ذلك اليوم فصاعدًا أن يكون حذرًا مع أصدقائه وأن يتجنب أولئك الذين يقودونه إلى الانحراف.