مساعدة الآخرين تؤدي إلى البركة في الحياة وإحساس بالرضا والسعادة للمساعد.
العمل الصالح ومساعدة الآخرين: من أبرز القيم في القرآن الكريم يعتبر العمل الصالح ومساعدة الآخرين من الركائز الأساسية للأخلاق الإنسانية التي دعا إليها الإسلام، حيث يُعبر هذا المفهوم عن روح التعاون والتفاعل الإيجابي بين أفراد المجتمع. ويعتبر القرآن الكريم مرجعًا رئيسيًا في توضيح أهمية هذه الأعمال، حيث يذكر في كثير من الآيات أن الإحسان إلى الناس ومساعدتهم هو من علامات الإيمان الحقيقي. يتمحور هذا المفهوم حول فكرة العمل الجماعي، حيث يشكل كل فرد جزءًا لا يتجزأ من المجتمع الذي يعيش فيه، مما يجعل من المسؤولية الفردية والبذل في سبيل الآخر أمرًا ضروريًا لخلق بيئة سليمة ومزدهرة. ### العمل الصالح ومكانته في القرآن الكريم في سورة البقرة، آية 177، يوضح الله تعالى صفات الأبرار الذين هم مؤمنون حقيقيون، إذ تكون مساعدة الآخرين وإعطائهم صدقات من صفاتهم المميزة. حيث يقول سبحانه وتعالى: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين". هذا يعكس مدى أهمية هذه الأفعال في بناء مجتمع قوي ومترابط، ينعم بالعدالة والرعاية. ### البعد المادي والروحاني لمساعدة الآخرين لا تقتصر مساعدة الآخرين على الأبعاد المادية فحسب، بل تتجاوز ذلك لتؤثر على الأبعاد الروحية والنفسية أيضًا. إن تقديم المساعدة والمساندة للآخرين يمكن أن يشكل رابطًا قويًا بين الأفراد، مما يسهم في تعزيز العلاقات الإنسانية وتحقيق السعادة. فعندما تقدم المساعدة لشخص محتاج، فإن ذلك يرفع من معنوياته ويعزز شعوره بالكرامة والاحترام. كما يذكر الله في سورة المطففين، الآيات من 1 إلى 3، ويقول: "ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون". هذه الآيات تشير إلى ضرورة الحفاظ على العدل والصدق في التعاملات المالية، وهو ما يُعبر أيضًا عن مفهوم المساعدة. فتقديم العون لا يعني فقط تقديم المال، بل يتعدى ذلك عبر تقديم الدعم العاطفي والنفسي، ويعكس الاحترام والمبادئ الأخلاقية الرفيعة. ### وجوب المساعدة في المجتمع إن السلوك الحسن ومساعدة الآخرين، سواء كان ذلك بالأفعال المادية أو العاطفية، هو من الواجبات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها الأفراد نحو بعضهم البعض. تُظهر الأبحاث أن المجتمعات التي يسود فيها التكاتف والتعاون، تكون أكثر سعادة ونجاحًا. فمساعدة الآخرين تُخفف بالتالي الأعباء والآلام التي قد يقع فيها أي شخص، وهي دليل على الرغبة في بناء مجتمع يحقق أهدافه في العيش بسلام وتناغم. ### الأبعاد النفسية والاجتماعية تتمتع الأعمال الخيرية ومساعدة الآخرين بفوائد نفسية كبيرة، سواء للمساعدين أو للمستفيدين. فالمساعدون غالبًا ما يشعرون بالرضا والسعادة كنتاج للأفعال الكريمة التي يقومون بها. وتعتبر هذه التجارب الإيجابية من أهم الأسس التي تعزز الصحة النفسية، حيث إن مشاركة الفرح والمساعدة في تخفيف الآلام تخلق دوافع إيجابية في الحياة. ### رضا الله ورسالة الإسلام في النهاية، يُذكرنا القرآن أن إحساننا إلى الآخرين ليس مجرد عمل روحي بل هو رسالة عظيمة تدعو إلى خلق مجتمع متماسك وصحي. فمجتمع السعادة لا يتشكل إلا من خلال مساعدة بعضنا البعض، وبتقديم الدعم والعون للآخرين، نكون قد ساهمنا في نشر الحب والرحمة. وبالتالي، يجب على كل مسلم أن يسعى لتحقيق مثل هذه القيم في حياته اليومية. وهكذا، يُظهر القرآن الكريم بوضوح أن السلوك الإيجابي ومساعدة الآخرين ليسا واجبين أخلاقيين فحسب، بل يمثلان طريقًا نحو الرضا الإلهي وبركاته في حياتنا الشخصية والاجتماعية. وبالتالي، استخدم القرآن الكريم تلك القيم لنزرع الأمل في قلوب الناس ونسعى دائمًا للعمل من أجل رقي مجتمعنا. إن القيام بالأعمال الصالحة والتعاون ليس ذو قيمة فردية فحسب، بل هو ما يدعم الاستقرار الاجتماعي ويدفع إلى النجاح الجماعي، مما ينعكس على جودة الحياة على كافة الأصعدة. وعلى البشرية أن تتذكر دائمًا أن النجاح الحقيقي هو ذلك الذي يُحقق بالتضامن والعمل المشترك من أجل خدمة الآخرين.
في يوم من الأيام ، ذهب رجل إلى السوق لشراء البضائع. في طريقه ، رأى امرأة مسنّة تكافح في حمل حمولة ثقيلة. فكر في نفسه: "ما قيمة مساعدتها بينما أنا خارج لإنجاز مهامي؟" لكنه قرر في النهاية مساعدتها. بعد مساعدتها ، شعر بفرح غريب في قلبه. في تلك اللحظة ، أدرك أن مساعدة الآخرين لا تخفف آلامهم فحسب ، بل تجلب له السلام أيضًا.