يعتبر القرآن الكريم الظلم عملاً مذمومًا ويؤكد باستمرار على العدالة والإنصاف في المعاملات مع الآخرين.
يدين القرآن الكريم الظلم صراحة كعمل مشين يؤدي إلى الفساد الاجتماعي وسقوط المجتمعات. والظلم ليس مجرد فعل يتكبده الفرد في حق الآخرين، بل هو ظاهرة اجتماعية شاملة تهدد استقرار الأمم وسلامتها. فالفرد الذي يمارس الظلم يسهم في إشاعة القيم السلبية في المجتمع، مما يؤدي إلى تأجيج الأحقاد والنزاعات بين الأفراد والجماعات. يظهر ذلك بوضوح في النصوص القرآنية التي تنفر عن الظلم وتحث على تحقيق العدالة بين الناس. فالقرآن، الذي يعد آخر الكتب السماوية، سعى بكل قوة إلى تأسيس مجتمع يقوم على مبدأ العدالة والإنصاف، ويصوّر الظلم على أنه عمل غير إنساني وقبيح. يأمر الله تعالى المؤمنين في سورة النساء، الآية 135، بالثبات على الحق والإنصاف، سواء لأنفسهم أو للآخرين، دون انحراف عن الحقيقة والعدل. تقول الآية: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ". وهنا نرى أن القرآن يدعو إلى تحمل مسؤولية الحق، حتى وإن كان الشخص المعني في الظلم هو الأهل أو المقربون. هذه الشجاعة في قول الحق تنذر أن التراخي في إحقاق العدالة يمكن أن يؤدي إلى دمار العلاقات الإنسانية والأسس الاجتماعية. كما أن التوجه نحو الانصاف هو ما يعكس حالة من الوعي الإجتماعي الذي يعكس روح التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع. ولا يقتصر الأمر على ظلم الأفراد بعضهم لبعض، بل يتعدى إلى قضايا أكبر مثل الظلم الحكومي أو سياسات الظلم التي قد تفرضها الأنظمة. لذلك فإن القرآن يحذر بوضوح من كل أشكال الظلم، سواء كانت صغيرة أو كبيرة. في سورة البقرة، الآية 188، يأمر الله الناس بعدم أكل أموال بعضهم بعضًا بغير حق وعدم الظلم فيما بينهم. يقول الله تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ". وهذا يشير إلى ضرورة الحفاظ على الحقوق والحرمات المادية والمعنوية للآخرين، فالظلم في المسائل الاقتصادية يزرع تربة الفساد ويقضي على روح التعاون والمشاركة. إن التأكيد على الحقوق في القرآن يشير إلى أن الظلم ليس فقط عملاً فردياً، بل له آثاره السلبية على المجتمع ككل. فالأموال التي يتم الحصول عليها بطرق غير شرعية تؤدي إلى انعدام الثقة بين الأفراد وتزعزع استقرار المجتمع. وفي سياق العدالة، نجد القرآن كذلك ينادي بالمساواة بين البشر، حيث لم يُفضّل أحداً على أحد. يقول تعالى في سورة الحجرات، الآية 13: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ". تبرز هذه الآية أهمية احترام الإنسان بغض النظر عن أصله أو لونه أو مكانته. في النهاية، يتضح أن القرآن الكريم يرفض الظلم ويؤكد على ضرورة الالتزام بالعدل والإنصاف في جميع جوانب الحياة. إن التزام الأفراد بالجوانب الأخلاقية والقيمية في التعاملات يُعَدُّ من صميم الإيمان، وهو واجب يتطلب من كل مؤمن أن يسعى لتحقيق العدالة في حياته اليومية. وهذا يتطلب منا جميعاً الوعي بأهمية دورنا في المجتمع وضرورة إنصاف الآخرين، ومن هنا يتضح لنا أن الظلم ليس مجرد مسألة فردية، بل إنه قضية اجتماعية تتطلب تضافر الجهود والتعاون بين كافة أفراد المجتمع. وبهذا تكون دعوة القرآن الكريم إلى تحقيق العدالة ليست مجرد نداء سطحي، بل هي رؤية شاملة للحياة الإنسانية هدفها بناء مجتمعات قوية قائمة على القيم النبيلة والتعاون المتبادل. يُذكر أنّ التحدي الكبير الذي يواجه المجتمعات اليوم يتطلب التصدي للظلم بجميع أنواعه والتمسك بمبادئ العدالة التي دعا إليها الدين الإسلامي، والتي تمثل أساس حياة كريمة وعادلة للجميع.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل يسمى علي يتشاجر مع شخص ما في السوق. كان يندب الظلم الذي تعرض له. في تلك اللحظة ، تذكر الآيات القرآنية التي تدين الظلم. قرر بدلاً من السعي للانتقام أن يعمل نحو إصلاح المجتمع ويدعو الله أن يمنحه الصبر. بهذه الطريقة، وجد علي السلام وتمكن من جعل الآخرين يدركون قبح الظلم من خلال سلوكه الكريم.