ما هي نظرة القرآن للمرأة ومسؤولياتها الاجتماعية؟

القرآن يرى الرجل والمرأة متساويين في الكرامة الإنسانية والمسؤولية الفردية. للمرأة أدوار حاسمة في تربية الأسرة والمشاركة المجتمعية النشطة (الأمر بالمعروف، الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية)، مع الحفاظ على الأخلاق والكرامة الإسلامية.

إجابة القرآن

ما هي نظرة القرآن للمرأة ومسؤولياتها الاجتماعية؟

يقدم القرآن الكريم رؤية شاملة ومتوازنة لمكانة المرأة ودورها في المجتمع، وهي رؤية رائدة ومحررة للغاية على عكس المفاهيم الخاطئة الشائعة. في المنظور القرآني، خُلقت المرأة والرجل من نفس واحدة، مما يشير إلى عدم وجود فرق جوهري في قيمتهما الإنسانية أو كرامتهما المتأصلة. كلاهما متساوٍ أمام الله في الجزاء على الأعمال، والمسؤولية الفردية، والسعي نحو الكمال الروحي. وقد تم التأكيد على هذه المساواة بوضوح في آيات عديدة. فعلى سبيل المثال، في سورة آل عمران، الآية 195، يقول الله تعالى: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ". هذه الآية توضح بجلاء أن معيار التقييم الإلهي والجزاء هو التقوى والعمل الصالح، وليس الجنس. فيما يتعلق بالمسؤوليات الاجتماعية، لا يفرض القرآن أي قيود متأصلة على مشاركة المرأة في مختلف ميادين المجتمع؛ بل على العكس، يوفر سبلًا لمشاركتها الفعالة والمؤثرة. إن أهم مسؤولية اجتماعية للمرأة، والتي تم التأكيد عليها بشدة في القرآن والسنة النبوية، هي دورها داخل الأسرة وفي تنشئة الأجيال القادمة. تُعتبر الأمهات الركائز الأساسية للأسرة ومهندسات شخصيات الأبناء، حيث يلعبن دورًا لا مثيل له في تشكيل مستقبل المجتمع. يوصي القرآن بشدة بالإحسان إلى الوالدين، وخاصة الأم، مما يسلط الضوء على الأهمية الجوهرية لدور المرأة التربوي والتعليمي في المجتمع. علاوة على ذلك، في العلاقات الزوجية، يوصف الرجل والمرأة بأنهما مكملان لبعضهما البعض: "هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ" (البقرة/187)، وهو رمز للسكينة المتبادلة، والستر، والتضامن. هذه الشراكة تشكل أساس المسؤولية المشتركة داخل الوحدة الأسرية. في المجال العام، يعتبر القرآن الكريم الرجال والنساء المؤمنين "أولياء بعض" وشركاء في المسؤولية الاجتماعية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (التوبة/71). تشير هذه الآية إلى أن المرأة، شأنها شأن الرجل، عليها واجب المساهمة الفعالة في إصلاح المجتمع وتعزيز القيم الأخلاقية والإلهية. يمكن أن تتجلى هذه المسؤولية في أشكال مختلفة، بما في ذلك الأنشطة التعليمية، والثقافية، والخيرية، والصحية، وكذلك المشاركة في الاستشارات الاجتماعية والسياسية، شريطة ألا تتعارض هذه الأنشطة مع المبادئ الأخلاقية الإسلامية والحدود الشرعية. ويقدم التاريخ الإسلامي أمثلة عديدة لنساء عالمات، ومحدثات، وفقيهات، وتاجرات، وحتى نساء شاركن في المجالات الاجتماعية والسياسية، حيث قمن بأدوارهن استنادًا إلى تعاليم القرآن. كما أن الحقوق الاقتصادية للمرأة منصوص عليها بوضوح في القرآن. فللمرأة الحق في التصرف في أموالها بشكل مستقل، وكسب الدخل، والميراث. وتنص الآية 7 من سورة النساء على: "لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا". هذه الآية تؤكد حق الملكية والإرث للمرأة، وهو حق كان غالبًا ما يُحرم عليهن في عصر الجاهلية. يتيح الاستقلال الاقتصادي للمرأة أن تلعب دورًا أكثر نشاطًا في المجتمع وتشارك في الشؤون الخيرية والاجتماعية دون الاعتماد المالي الكامل على الآخرين. يعد حفظ خصوصية المرأة وكرامتها أيضًا من أوامر القرآن؛ فالحجاب، كغطاء وحدود، ليس قيدًا بل وسيلة للحفاظ على العفة ومنع تحويل المرأة إلى مجرد سلعة في المجتمع، مما يمكنها من المشاركة في الساحات الاجتماعية براحة بال وتركيز على قدراتها الفكرية والأخلاقية. وهذا يسمح بمساهمتها الكاملة والكريمة. لذا، فإن رؤية القرآن للمرأة ومسؤولياتها الاجتماعية هي رؤية شاملة، عادلة، وتمكينية. فالقرآن يعتبر المرأة إنسانًا كاملاً، يتمتع بحقوق وواجبات متساوية مع الرجل تجاه الله والمجتمع، مع التأكيد على الأدوار التكاملية والمميزة التي يؤديها كل جنس داخل الأسرة والمجتمع. لا يمنح هذا المنظور المرأة حق النشاط والمشاركة الاجتماعية فحسب، بل يشجعها أيضًا على ذلك، شريطة أن تتم هذه الأنشطة ضمن إطار الأخلاق الإسلامية ومع الحفاظ على الكرامة الإنسانية. وقد حررت هذه النظرة المرأة من قيود الجاهلية ومنحتها مكانة كريمة في مسار الكمال والتقدم الاجتماعي.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

منذ زمن بعيد، في مدينة ضاع اسمها في غياهب التاريخ، نشب نزاع شديد حول حقوق الري للحقول. حاول شيوخ المدينة وأعيانها ما وسعهم، ولكنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى حل عادل. ففاقم الجفاف والخلاف من معاناة الناس. وفي خضم ذلك، كانت هناك امرأة عجوز حكيمة ومحسنة تعيش في زاوية من المدينة، اشتهرت بعلمها العميق وبصيرتها الثاقبة، على الرغم من أنها لم تشارك قط في التجمعات الرسمية. وبناءً على نصيحة شاب مؤمن، لجأ الناس إليها. وبعد أن استمعت العجوز إلى شكاوى وحجج الطرفين، قالت بنبرة هادئة وقولٍ لطيف: "أيها الناس، لقد وهب الله نعمه بالتساوي للجميع. الماء حياة، والحياة لا يمكن احتكارها من قبل مجموعة محدودة. يجب إيجاد طريقة ليستفيد منها الجميع، وألا يتضرر أحد، لا على أساس القوة، بل على أساس الحاجة والعدل." اقترحت حلاً يقضي بتوزيع الماء على كل مزارع بالتناوب، بناءً على حجم أرضه، ولكن بشرط أن يقوم كل شخص، في دوره، بتوفير فائض من الماء لجيرانه في أوقات الطوارئ. كانت هذه الخطة رمزًا للتضامن والإيثار. وعند سماع كلامها، دهش الناس من حكمتها السديدة ونفذوها. وهكذا، عاد السلام والرخاء إلى المدينة، وأحضرت تلك المرأة الحكيمة، دون أن تشغل أي منصب رسمي، السكينة للمواطنين من خلال علمها ومسؤوليتها الاجتماعية، مبينة أن الحكمة والبصيرة لا تصدران من الرجال فحسب بل من النساء أيضًا ويمكنهما أن تزدهرا مجتمعًا.

الأسئلة ذات الصلة