لماذا يصبح بعض الناس متكبرين؟

يأتي الكبرياء لدى الناس من الشعور بالتفوق والشعور بأنهم أعلى من الآخرين، والقرآن يشدد على التواضع والمساواة بين البشر.

إجابة القرآن

لماذا يصبح بعض الناس متكبرين؟

يعتبر التكبر من أبرز السلوكيات الضارة التي تؤثر سلباً على العلاقات الإنسانية وتؤدي إلى انحراف القيم والأخلاق. فالتكبر ليس مجرد شعور بالعلو والمكانة المرتفعة، بل هو حالة نفسية معقدة تؤثر على طريقة تفكير الفرد وتصرفاته تجاه الآخرين. يمكن أن نسأل: هل يستطيع الإنسان أن يكون سعيداً وعلاقاته جيدة وهو يتعامل بتكبر مع من حوله؟ بالتأكيد لا، فالشخص المتكبر يعزل نفسه عن المجتمع ويفقد الكثير من الفرص للتواصل والمشاركة. في هذا السياق، يمكننا أن نستند إلى التعاليم الإسلامية التي تؤكد على أهمية التواضع ورفض الكبر. يقول الله تعالى في سورة لقمان، الآية 18: "وَلا تُصَعِّوْنَ النَّاسَ مِنْ فَكَّرٍ، وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا". هذه الآية توضح أن التفاخر والغرور يعدان من العيوب الأخلاقية. فالمتفاخرون يتعاملون مع الآخرين على أنهم أقل منهم، مما يعكس عدم احترامهم لمشاعر الآخرين وقيمتهم. يذكر القرآن الكريم في سورة البقرة، الآية 34، قصة إبليس الذي رفض السجود لآدم بسبب تكبره. هذا الرفض لم يكن مجرد حجة، بل كان نتيجة للشعور بالعظمة والعلو على الآخرين. فالنتيجة كانت طرد إبليس من رحمة الله، وهي درس لنا جميعًا بأن التكبر هو طريق يؤدي إلى الهلاك الروحي. كانت عاقبة إبليس واضحة، حيث أصبح خارج دائرة الرحمة الإلهية بسبب ظنه أنه أفضل من آدم. يتجلى التكبر في الحياة اليومية نتيجة للنجاح الدنيوي أو الثروة أو السلطة. فقد يتأثر بعض الأشخاص بجوانب النجاح الخارجي، مما يجعلهم يعتقدون أنهم في مرتبة أعلى من الآخرين. لكن القرآن يرشدنا إلى أن مظاهر الحياة ليست مقياسًا لقيمة البشر. قال الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات، الآية 13: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُم". إذن، فإن قيمة الشخص تكمن في تقواه وأخلاقه وليس في ثروته أو مركزه الاجتماعي. المجتمع يحتاج إلى أفراد متواضعين يتعاملون مع بعضهم البعض باحترام وود. فالتواضع ليس علامة ضعف، بل هو علامة قوة وإيمان. علينا أن نكون حذرين من الوقوع في فخ الكبر؛ فكلما زادت منزلتنا، يجب أن نكون أكثر تواضعًا، لأن الله قد يبتلينا بما لدينا من نجاحات وثروات. لذا يجب أن نستعد لمواجهة تحدي الحفاظ على تواضعنا حتى في أوقات النجاح. الآيات القرآنية والأحاديث النبوية توضح بشكل قاطع أن الكبر ليس من صفات المؤمنين. فعلى سبيل المثال، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر". لذلك، يجب على المسلم أن يعمل جاهداً على التحلي بالتواضع ورفض الكبرياء. يتطلب ذلك بناء وعي شخصي دائم بأهمية التواضع وضرورة تجنب التفاخر، بحيث يقود هذا الوعي إلى تحسين التواصل مع الآخرين، ويعزز مشاعر المودة والمحبة. يجبذكر دوماً أن العالم بحاجة إلى المزيد من التواضع والمودة. فكلما جاهدنا للابتعاد عن الكبر، زادت فرص النجاح في حياتنا الشخصية والاجتماعية. لنذكر بعضنا البعض دائماً بأهمية التواضع في تعاملاتنا اليومية، ونسعى جاهدين ليكون الإسلام هو مرشدنا في كل خطوة نخطوها. في النهاية، إن قيمة الإنسان الحقيقية تأتي من تعامله مع الآخرين ومدى تواضعه أمام الله، وهذا ما يجعل الحياة أكثر جمالاً وروعة. إن التكبر هو عائق أمام الإبداع والتعاون، بينما التواضع هو دافع للتقدم والنجاح المشترك. فلنعمل جميعًا على نشر ثقافة التواضع في مجتمعاتنا، لنحقق السعادة والازدهار للجميع. وبذلك نستطيع بناء مجتمع متماسك يعيش فيه الأفراد بسلام ووئام، حيث يعمل الجميع يداً بيد من أجل التنمية والتطور. يجب أن نضع التواضع نصب أعيننا في كل تعاملاتنا، ونستمد العبر من قصص الأنبياء والصالحين الذين أضاؤوا لنا دروب الحياة بتواضعهم ومحبّتهم للناس. في الختام، إن التواضع هو ميزان القيم الحقيقية، وعلينا جميعًا أن نكون حراساً على هذا المبدأ النبيل.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

كان هناك رجل يدعى أحمد يعيش في مجتمع ثري. كان كثيرًا ما يضحك على الآخرين ويعتبر نفسه أعلى منهم. في يوم من الأيام، بينما كان يمر في السوق، وقف رجل فقير بجواره وطلب المساعدة. تجاهله أحمد واستمر في طريقه. فجأة، تعرف أحد الأشخاص من دائرته عليه وقال: 'هذا الشخص أيضًا مخلوق من الله، لا تتجاهله!' أجبرته هذه العبارة على التفكير وإدراك أن شعوره بالتفوق كان خطأ، ويجب عليه أن يرى الجميع متساوين أمام الله.

الأسئلة ذات الصلة