يؤكد القرآن الكريم على تجنب التكبر لأنه يؤدي إلى العزلة والعقاب ، مما يخلق مشكلات في الحياة الشخصية والاجتماعية.
في القرآن الكريم، يتجلى موضوع التكبر كقضية مهمة للغاية، إذ يشدد الله تعالى على ضرورة تجنب هذه الصفة الخطيرة. فالتكبر ليس مجرد شعور بالنفس فحسب، بل هو عائق نفسي واجتماعي يبعد الإنسان عن جادة الحق ويجعل العلاقات الإنسانية معقدة وصعبة. في هذا المقال، سنستعرض عدداً من الآيات القرآنية التي تتناول هذا الموضوع وتساعدنا في فهم الأبعاد المختلفة للتكبر وتأثيره في الحياة اليومية. تتعدد الآيات التي تتعلق بالتكبر، حيث نجد في الآية 23 من سورة القصص قوله تعالى: "وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا". هذه الآية تشكل تحذيرًا واضحًا للأفراد بعدم الغرور بعظمتهم الذاتية ونجاحاتهم. حيث تسلط الضوء على أن العظمة الحقيقية والسلطة تعود لله وحده. فالتكبر يعكس شعوراً بالاستغناء عن النعمة العظيمة التي وهبها الله لكل إنسان. عندما يعتقد الإنسان أنه أكبر أو أهم من الآخرين، فإنه يغفل عن حقيقة ضعفه وبشريته. وذلك يؤدي إلى تفككه عن النمط الصحيح من السلوك والإيجابية في العلاقات الاجتماعية. عندما نتكبر، نجد أنفسنا نبتعد عن مفهوم الأخوة والتعاون، مما يجعل مجتمعنا مليئًا بالنزاعات والصراعات. وفي آية أخرى، تبرز الآية 18 من سورة البقرة رسالة واضحة، إذ يقول الله تعالى: "إن الذين لا يرون بهم عيبًا". هذه الآية تدعونا إلى التفكير مليًا في تصرفاتنا ونظرتنا للآخرين. فبدلاً من اعتبار أنفسنا متفوقين، يجب علينا أن ننظر إلى الآخرين باحترام وتواضع، مع الاعتراف بأن كل إنسان لديه عيوبه ونقاط ضعفه. إن المزاج المتكبر لا يسبب فقط البعد عن الحق، بل يخلق أيضًا حالة من الانفصال والمعاناة بين الأفراد. هذا الانفصال يجعل العلاقات الاجتماعية عرضة للتوتر والصراع. الأفراد المتكبرين غالبًا ما يواجهون صعوبات في تأسيس صداقات وعلاقات سوية وصحيحة، حيث يرفضون الاعتراف بالخطأ أو التراجع عن مواقفهم. وهذه الصعوبة تمنعهم من التفاعل بشكل صحي مع الآخرين مما يؤدي إلى تفكك الروابط الحقيقية التي يمكن أن تقوي المجتمع. وفي الآية 31 من سورة لقمان، ينبه الله الإنسان بقوله: "أحلامكم لن تنفعكم" مما يدل على أن التكبر لا يعود بالفائدة، وأنه لا يمكننا الاعتماد على عقلية كبرى غير واقعية لتحقيق النجاح. التكبر يعزله عن الحق، ويصعب عليه الفهم الصحيح للواقع، وبذلك يفقد الإنسان إمكانية التعلم والنمو. فكلما اعتقد الإنسان أنه بلغ القمة، كلما ابتعد عن الرؤية الحقيقية لنفسه وللآخرين وللواقع من حوله. ولذلك، يُبرز القرآن الكريم أهمية الاعتراف بالنقص والضعف كأهمية كبيرة في الحياة. نجد في الآية 93 من سورة النساء، التحذير الأبرز عند الحديث عن المتكبرين، إذ يعلن الله أن المتكبرين لن ينتصروا على المؤمنين، وسيحرمون من النعم الإلهية يوم القيامة. هذه الآيات تشدد على أن الكبرياء يحمل عواقب وخيمة، إذ أن المتكبرين يكونون في أغلب الأحيان بعيدين عن الرحمة الإلهية. من خلال هذه التعاليم القرآنية، يمكننا أن نستدرك أهمية التواضع في حياتنا اليومية. فالتواضع ليس مجرد فضيلة، بل هو موقف يحقق التوازن والعدالة في العلاقات الإنسانية. إنه يعني احترام الآخرين والاعتراف بحقائق الحياة، فكل إنسان مهما بلغ من مكانة وعلم، يظل في النهاية بشرًا له عيوبه وضعفاته. يتطلب الأمر أن نتذكر دائمًا أن التواضع هو القوة الحقيقية التي تقربنا من الله ومن الآخرين. عندما نتواضع، نحن في الحقيقة نتقرب من المعاني الحقيقية للقيم الإنسانية والدينية. التواضع يسهل علينا بناء مجتمع يجسّد قيم الحب والاحترام المتبادل. لذلك، الابتعاد عن الكبرياء يعني السعي للتواضع، وهو سلوك يساهم في نمو الفرد والمجتمع. من الضروري أن نتذكر دائماً أن محبة الله تعالى واستمرارية النعم تأتي من التواضع والاعتراف بقدره. يجب أن نعمل على تطوير أنفسنا في ضوء التعاليم القرآنية التي تدعونا إلى التحلي بهذه الفضيلة. الرحمة الإلهية والمحبة للآخرين تجد مكانها في قلوب المتواضعين، وهو درس عظيم يذكرنا بأن الله هو الملاذ. علينا أن نحرص جميعاً على احترام الآخرين والتحلي بالتواضع في سلوكنا وأقوالنا. في النهاية، التواضع هو الطريق الصحيح نحو بناء المجتمعات الإنسانية المتماسكة. مع عبورنا خلال الحياة، يجب أن نجعل من التواضع جزءاً من هويتنا، ليس فقط كمسلمين، بل كبشر يسعون لتحقيق السلام والتآلف في مجتمعاتهم.
في يوم من الأيام في مدينة صغيرة ، كان هناك رجل يُدعى حسن متوجهًا إلى المسجد. في الطريق ، صادف فقيرًا يتسول. نظر إليه حسن بتكبر ، معتقدًا أنه أفضل منه. ومع ذلك ، بعد وصوله إلى المسجد والاستماع إلى الخطبة ، أدرك كيف يتعامل الله مع عباده وأن التكبر يؤدي إلى انعدام البركة في الحياة. بعد ذلك ، قرر أن يتصرف بتواضع ويساعد الآخرين. مع مرور الوقت ، تغيرت حياة حسن ووجد سلامًا أكبر.